أكثر من تصريح عابر لمواقع إلكترونية، إنه #بيان_سياسي لمرحلة.
الشابة التي اعتقد الكثيرون أنها تحدثت بعفوية، وتناقلوا مقاطع من شريطها المصور على سبيل الدعابة، وبعضهم بحثا عن اللايكات والبوز، اختزلت كل شيء في كلمات بسيطة:
-"الله 15 يوم باش كرا من عند مول الدار":
تقدم صورة عن جغرافيا تحرك خلايا الإرهاب وتنقلاتهم وخطط التمويه التي يلجؤون إليها، من خلال كراء غرف ومنازل في مناطق مختارة لمدد محدودة، للاختباء، واتقاء الشبهات، وإرباك مسارات التتبع الإلكتروني (لوكاليزاسيون).
"عاطيهم فوطوكوبي د لاكارت وداك شي":
معلومة مهمة أيضا لفهم السلوك الجديد لمعتنقي الفكر الإرهابي، والتعاطي السوسيولوجي مع المحيط، المبني على ربط علاقة "الثقة" منذ البداية، وتفادي الاصطدام في بداية التخطيط، وتفادي أيضا أي إحساس بالشك اتجاههم من قبل المكترين، أو الجيران.. وهو سلوك جديد، عكس طرق التمويه السابقة المعتمدة على اللجوء إلى تزوير هويات وأسماء ووثائق.
-"يعني، كنتمناو ليهم الغرق":
لم تتحدث بضمير الفرد، بل بصيغة الجمع، كأنها تتحدث باسم المغاربة كلهم، الذين يتوفرون على خلفية قانونية، ويطلبون إنزال أقصى أنواع العقوبات ضد المشتبه فيهم، خلال محاكمات تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة.
ولم تستعمل الغرق بمعناه المباشر، أي الغرق في البحر أو المسبح، بل بصيغة مجازية، وتعني تطبيق القانون في أقصاه، كي "يغرق" الفاعل في السجن لأكبر عدد ممكن من السنوات، ومن هنا جاءت تسمية ممثل النيابة العامة في جلسات المحاكم "بالغراق".
أيضا، إن طلب تطبيق القانون ضد الفاعل، هو نبذ للانتقام المباشر واستعمال شرع اليد، فلم تقل مثلا "نتمناو ليه الموت، أو الذبح…".
-"باغي يقنبلنا":
استحضار أحداث سابقة ومؤلمة في المغرب (2003*2007)، استعمل فيها الإرهابيون أحزمة ناسفة، وأسقطوا عددا من الضحايا الأبرياء في نقط مختلفة.
وهي مآسي، لازالت محفورة في ذاكرة المغاربة، بغض النظر عن أعمارهم.
هناك أيضا، ارتباط الإرهاب، عموما، لدى المواطنين، بالأعمال الوحشية وغير الإنسانية والدموية، التي تصل إلى الانفجار الذاتي دون رحمة وسط المدنيين (استعمال صيغة الجمع).
وهي نفس العبارة التي كررتها، حين قالت: "باغي يفركعنا ولد الحرام":
و"ولد الحرام" مرتبط في ذهن المغاربة بأشخاص يحملون صفات نكران الجميل، والخيانة، والغدر، والكذب، والنفاق.. ولا يحيل بالضرورة على "النسب"، أو اختلاط النسب تحديدا.
-"حنا الله كنوجدو سلو":
هنا تنتقل الفتاة، ربما بالعفوية نفسها، إلى ربط الإرهاب بسياق آخر، هو الإعداد لرمضان، مناسبة دينية لها مكانة كبرى في نفوس المسلمين، في إشارة إلى أن الإرهاب اختار شهرا كريما للرضوان والمغفرة من أجل تنفيذ عمليات "دم وأشلاء"..،
وهي إدانة صارخة موجهة إلى مخططي وشيوخ الإرهاب الذين ينطلقون من مرجع ديني في تحديد أهدافهم وغاياتهم، لكن مستعدون لتفجير مسلمين مسالمين في غرة رمضان الكريم.
-"واحلين مع زيت العود، الزيت الرومية..زادو لينا":
هنا يحدث الانتقال السلس والذكي من إدانة الإرهاب، كفعل د ولاد الحرام، إلى إدانة للسياسة العمومية لتنظيم الأسعار، كاختيار تدبيري لدى الحكومة.
كأنها تريد أن تقول "باركا علينا غير الزيادة في الأسعار والمعيشة، غادا نزيدو التفركيع"، أو كأنها تريد أن تقول:
"الأجهزة الأمنية والرسمية تشتغل بحنكة على محاربة خلايا الإرهاب في أعشاشها، وتترصد لها، وتوقع بها، والدور اليوم على باقي الأجهزة الحكومية الأخرى للتصدي إلى أوكار الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية وتحسين إطار عيش المواطنين".
لذلك، ختمت تصريحها بـ:
-الله يعطيهم الصحة، الحموشي وسيدنا، الله يعطيهم الصحة".
الحموشي والملك فقط!!!


