
كما تمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة الفائتة، تعتمد الدقة المراكشية، على ثلاث آلات موسيقية إيقاعية متباينة ومحددة الوظيفة، منها التعارج وهي الموزعة على مجمل المشاركين في الدقة، إضافة إلى "طارة" واحدة على خلاف الدقة الرودانية التي تعتمد ثلاث طارات، ثم آلة "قرقب" واحد.
وفي قراءة المهتمين، فإن القراقب ترمز لخشونة الرجل والطارة لبكارة المرأة والدائرة أو الكور شبيه ببيت مغلق، في إشارة إلى السترة.
وتصبح الدقة تحيل على ليلة عرس، ولنا أن نتصور من خلال المنظور التقليدي القديم، أن وجد عروسه في ليلته تلك غير عذراء … فكل مصائب الدنيا تحل عليه، من خلال وابل الإهانات ونظرات الاحتقار التي سيتلقاها بمعية عروسه وعائلتيهما في مستقبل الأيام، انطلاقا من تلك الليلة التي من المفروض أنه يحتفي ببلوغه النضج في كل شيء سواء الجسماني أو المسؤولياتي وما يتعقب ذلك.
هذا التصور يعكس ما يحدث لممارسي الدقة المراكشية داخل حي من أحياء المدينة، عندما لا يتوفقون في لحظة افوس من نقر الإيقاع بالشكل المطلوب أو يقع خطا من الأخطاء ، إذ يظلون طيلة السنة وسط جلباب الحزن والخجل وعرضة للسخرية أينما حلوا وارتحلوا.
ويؤكد المهتمون بهذا الفن أن الصراف الحامل للقراقب، منذ انطلاق الطقوس وهو يراقب التعارجية ويمكنه أن يحدد من أخطأ الميزان الإيقاعي حتى دون أن ينظر إليه، وقبل مرحلة أفوس يخرج المخطئين في الميزان ويعوضون بآخرين بل أكثر من هذا، فقد تكسر التعريجة على رأس من أخطأ قبل المغادرة.
وتواصل الدراسة التي نشرتها جمعية سبعة رجال تسجيل أوجه الاختلاف بين الدقة المراكشية والدقة الرودانية، وهذه المرة بخصوص المفردات الأمازيغية التي يتضمنها عيط الدقة، إذ يرى هؤلاء بأنها لا تقيم دليلا على شيء أولا لقلة هذه المفردات، ثانيا لأنه من البديهي أن تكون الأمازيغية متوفرة في مختلف فنون التراث الفلكلوري المغربي، بل اكثر من هذا، تذهب الدراسة إلى أن معظم المفردات التي تحيل على الأمازيغية، لا ترجع في أصولها إلى الأمازيغية، فإن صحت هذه المسألة بالنسبة لمفردة "أفوس "، فإنها لاتصح بالنسبة لكلمة "أعراج" أو كلمة "لشير" ، حيث تقول الأطروحة التي بين أيدينا أن الكلمة الأولى، تعود في أصولها إلى اللغة العربية الفصيحة، وهي مشتقة بالضبط من فعل عرج بتشديد الراء، وعرج يعرج على الشيء تعني مر به، وعرج بدون تشديد الراء ويعرج بضم الراء "والعراج " جاءت من الفعل الأول وهو عربي فصيح ،وبعد تحريفها أصبحت أعراج، اما كلمة ليشير، فيقول من خطوا الدراسة من الواضح أنها جاءت من اللغة الفرنسية، وتعني " العزيز " ولا علاقة لها باللغة الأمازيغية ، اكثر من هذا يقول هؤلاء أنه لو افترضنا ان هناك تاثير أمازيغي على الدقة المراكشية لكان واضحا …
مقاطع من عيط الدقة :
شوف الــدقة بصوتها مـــع الليل غابو ناسها ما حضره شي لها
واللي فزعي ولا يعرف يـــدوي لله واش جابه لينا لهنايا
نوضو نوضو وعليه ما نــوضو وهنا كايمنوأعشيري برزانا
الغــــــزواني جيـــــت نـــــزور يا مول لقصور
النـــــزاهة وقــــــت النــــــــوار في احريلي واحريلي
ابــــــــن جعفــــــــر سلطــــــان جايب الصولة لولاد حومته
الجامـــــــــــور إيبــــــــــــــــان والسقايا قدام قبته
داك الخيلـــــــــي داك لصفـــــر يا لاه أوا لوهامنا
تما نشـــــــــربـــه كيسانـــــــــا كيسان الورد مع الزهر
خويا خــــويا وعطه دريهمـــــه ليشييير الصغييير
خـــــويا خـــــويا دلا اكبايلــــــه مجدول لحرير
تعليق الصورة : جانب من طقس الدقة


